" أعطني المفتاح أنا سأفتحه "
" لا لا ، أنا سأفتحه وليد "
" لا تقلديني ! "
" أنت لا تقلديني "
و احتدم النزاع !
أوليت الباب ظهري و وقفت بين الفتاتين و عبست في وجهيهما !
قلت بحدة :
" أنا من سيفتح الباب و إن سمعتكما تتجادلان على هذا المفتاح ثانية فتحت رأسيكما و أفرغت ما بهما "
المفروض أن نبرتي كانت حادة و مهددة ، و تثير الخوف ! إلا أن رغد أخذت تضحك ببساطة !
التفت إليها و قلت :
" لم الضحك ؟؟ "
قالت و هي تقهقه :
" لن تجد شيئا في رأس دانة من الداخل ! "
قالت دانة :
" بل أنت الجوفاء الرأس ! أتعلمين ماذا سيجد وليد في رأسك ؟ "
رغد :
" ماذا ؟ "
دانة :
" البطاطا المقلية التي تلتهمينها بشراهة كل يوم ! "
رغد ـ و هي تضحك بمرح ـ
" و أنت الفاصولياء التي أكلتها البارحة "
و تبادلت الاثنتان مجموعة من الأكلات و الأطباق المفضلة في رأسي بعضهما البعض حتى أصابتاني بالصداع و التخمة !!
قلت :
" يكفي ! إنني من سيفتح رأسي أنا حتى ارمي بكما إلى الخارج منه "
و استدرت ، و فتحت الباب ، فأسرعت دانة بالدخول لتسبق رغد ، بينما سارت رغد ببطء و انتظرتني حتى دخلت ، ثم أقفلت الباب ...
" وليد ! "
التفت إليها و أنا
تلئ ما يكفي و يزيد من سخافاتهما ، و قلت بتنهد :
" ماذا بعد ؟؟ "
قالت :
" أنا لا أريد أن أخرج من رأسك "
اندهشت ! نظرت إليها باستغراب ، و قلت :
" عفوا ؟؟ ! "
رددت :
" أنا لا أريد أن أخرج من رأسك "
" و لماذا ؟؟ "
ابتسمت بخبث و قالت :
" لكي أستطيع رؤية الناس من الأعلى فأنت طويـــــــــــــــــــــــــــ ـل "
ابتسمت لها بهدوء ، ثم فجأة ، مددت يدي نحوها و رفعتها عن الأرض على حين غفلة منها إلى الأعلى عند رأسي و أنا أقول :
" هكذا ؟؟ "
رغد أخذت تضحك بسعادة و بهجة لا توصف !
أتذكرون كم كانت تعشق أن أحملها !؟
لا تزال كذلك !
دخلت المنزل ، ثم المطبخ و أنا لا أزال أحملها و هي تضحك بسرور ، ثم أجلستها على أحد المقاعد و ألقيت التحية على والدتي ، و التي كانت مشغولة بتجهيز أطباق المائدة
قالت أمي :
" رغد ، هيا اذهبي و أدي صلاتك ثم اجلسي عند مائدة الطعام "
قامت رغد ، و هي تنزع الحقيبة المدرسية عن ظهرها و تنظر إلى أمي و تقول :
" بطاطا مقلية ؟ "
" نعم ! حضرتها لأجلك "
و انطلقت رغد فرحة ، و غادرت المطبخ .
للعلم ، فإن صغيرتي هذه تحب البطاطا المقلية كثيرا !
والدتي استمرت في عملها و حدثتني دون أن تنظر إلي :
" لم تعد صغيرة ! "
ركزت بصري عليها ، و قلت :
" رغد ؟ لقد كبرت قليلا ! "
" لم تعد صغيرة لتحملها على ذراعيك "
غيرت كلمات والدتي هذه مجرى ما فهمت ...
إذن ، فهي معترضة على حملي للصغيرة هكذا ...؟
" و لكن ... إنها مجرد طفلة صغيرة و خفيفة ! و هي تحب ذلك ... "
" إنها في الثامنة من العمر يا وليد ... "
جملة والدتي هذه ، جعلت شريط الذكريات يعرض فجأة في مخيلتي ...
تذكرت كيف حضرت إلى منزلنا قبل ست أو سبع سنين ... !
آه ... ( المخلوقة البكاءة ) !
يا للأيام ...
من كان ليصدق أنني ( ربيت ) رغد في جحري و أطعمتها بيدي و سرحت شعرها و نظفت أذنيها !
من جرّب أن يكون أما و أبا ليتيمة ، و هو طفل أو حتى مراهق لم يبلغ العشرين !
يا للذكريات !
في غرفتي لاحقا ، أخذت أقلب ألبوم الصور الذي يشمل أفراد عائلتي ...
صحيح ... لقد كبرت الصغيرة !
مر الوقت سريعا ...
و ها أنا مقدم على الجامعة ، و حين أسافر ... ... ...
توقفت عند هذا الحد ...
فأنا لا أستطيع التفكير فيما بعد ذلك
كيف لي أن أبتعد عن أهلي و وطني ...؟
كيف لي أن أتحمل الغربة و الوحدة ؟
كيف لصباح أن يطلع علي ، دون أن أحتسي شاي والدتي العطر ، و كيف لشمس أن تغرب دون أن أقرأ أخبار الصحف لوالدي ؟
كيف لعيني أن تغمضا دون أن أتمنى لأخوتي نوما هانئا ...
كيف لقلبي أن ينبض ... دون أن أحمل رغد على ذراعي ؟؟؟
إنني سأذهب لإجراء الامتحان بعد الغد و إذا ما اجتزته ، فسأغادر البلد خلال أسبوع أو أكثر بقليل
إنها أفكار تجعلني أشعر بخوف و توجّس ...
هل أقوى على ذلك ؟؟
لابد لي من ذلك ... فأحوالنا في تدهور و شهادتي الجامعية ستعني الكثير ...
المرشحون لهذا الامتحان قليلون ، و كانت فرصة ذهبية أن أضيف اسمي إليهم و أنا واثق من قدرتي على اجتيازه ، بإذن الله ...
قلبت الألبوم و أنا في حيرة ... أي صورة آخذها معي ؟؟
ثم وقع اختياري على صورة تضمنا جميعا ، تظهر فيها رغد متشبثة برجلي !
فيما ترتسم ابتسامة رائعة على وجهها الجميل ...
" هذه هي ! "
أخذت الصورة ، و صورة أخرى لرغد و هي تلوّن في أحد دفاترها ، و وضعتهما في محفظة جيبي .
في المساء ، ذهبت مع أخي سامر لأحد المتاجر لاقتناء بعض الأشياء ، و وقفنا عند حقائب السفر رغبة في شراء بعضها
فيما كنا هناك ، حضر مجموعة من الشبان ، كان عمّار فيما بينهم .
عمّار نجح بصعوبة ، و تخرج ـ رغم إهماله ـ من المدرسة الثانوية ، و اعتقد أن والده ذا النفوذ الكبير قد استطاع تدبير مقعد دراسي له في إحدى الجامعات ... بطريقة ( غير قانونية ! )
عندما رآني عمّار ، أقبل نحوي تسبقه ضحكته البغيضة ، و قال :
" يبدو أن وليد ينوي السفر أيها الأصحاب ! هل عثر والدك على كرسي جامعي شاغر لك !؟ أم أن حطام الجامعة قد حطّم قلبك يا مسكين ؟؟ "
و بدأ مجموعة الشبان بالضحك و القهقهة
أوليتهم ظهري فقال عمّار :
" لا تقلق ! سأطلب من والدي أن يساعدك في البحث عن جامعة ! أو ... ما رأيك بالعمل عندنا ! فمصنعنا لم يحترق ! سأوصي بك خيرا ! "
سامر لم يتحمّل هذه السخرية من ذلك اللئيم ، و ثار قائلا :
" لم يبق إلا أن يعمل الأعزة عند الأذلة المنحرفين ! "
صرخ عمّار قائلا :
" اخرس أيها الأعور القبيح ! من سمح لك بالتحدث ! ألا تخجل من وجهك المفزع ؟ "
و التفت إلى أصحابه و قال :
" اهربوا يا شباب ! الأعور الدجال ! "
سيل من اللكمات العنيفة وجهتها بلا توقف و لا شعور نحو كل ما وقعت قبضتي عليه من أجساد عمّار و أصحابه ...
لحظتها ، شعرت برغبة في فقء عينيه و سلخ جلده ...
أخي سامر نال منهم أيضا
و احتدّ العراك و تدخّل من تدخل ، و فر من فر ، و انتهى الأمر بنا تدخل من قبل الشرطة !
في تلك الليلة و للمرة الأولى منذ الحادثة المشؤومة ، سمعت صوت بكاء أخي خلسة .
عندما أصيب بالحرق ، كان لا يزال طفلا في الحادية عشرة من العمر ... ربما لم يكن شكله يشغل تفكيره و اهتمامه بمعنى الكلمة ، أما الآن ... و هو فتى بالغ أعمق تفكيرا ، فإن الأمر اختلف كثيرا ...
ليلتها ، قال أنه يريد أن يخضع لعملية تجميل جديدة ...
لكن أوضاعنا المادية في الوقت الحالي ، لا تسمح بذلك ....
عندما أحصل على شهادتي الجامعية ... و أعمل و أكسب المال ، فسوف أعرضه على أمهر جراحي التجميل ، ليعيده كما كان ...
فقط عندما أحصل على شهادتي ...
في اليوم التالي ، وجدت سيارتي مليئة بالخدوش المشوهة !
" إنه عمّار الوغد ! تبا له ! "
أوصلت أخوتي للمدرسة ، و شغلت نفسي ذلك الصباح بمزيد من الإعدادات للسفر المرتقب !
امتحاني سيكون يوم الغد ... لذا ، قضيت معظم الوقت في قراءة مواضيع شتى من كتبي الدراسية السابقة ...
و كلما قلبت صفحة جديدة من الكتاب ، قلبت صفحة من ألبوم الصور ...
كيف أستطيع فراق أهلي ...؟
كيف أبتعد عن رغد ؟
إنني أشعر بالضيق إذا ما مضت بضع ساعات دون أن أراها و أداعبها ... و أنزعج كلما باتت في بيت خالتها بعيدا عني ...
فيما أنا منهمك في أفكاري و قراءتي ، جاءتني رغد ... !
طرقت الباب ، ثم دخلت الغرفة ببطء ، تاركة الباب نصف مفتوح ...
" وليد ... لدي تمرين صعب ... ساعدني بحله "
لم يكن هناك شيء أحب إلي من تعليم صغيرتي ، ألا أنني يومها كنت مشغولا ... لذا قلت :
" اطلبي من والدتي أو سامر مساعدتك ، فأنا أريد أن أذاكر ! "
لم تتحرك من مكانها !
نظرت إليها مستغربا و قلت :
" هيا رغد ! أنا آسف لا أستطيع مساعدتك اليوم ! "
و بقيت واقفة في مكانها ...
إذن فهناك شيء ما !
حفظت هذا الأسلوب !
تركت الكتاب من بين يدي و نهضت ، و قدمت إليها و جثوت على ركبتي أمامها :
" رغد ... ما بك ؟ "
تقوس فمها للأسفل في حزن مفاجئ و قالت :
" هل صحيح أنك ستسافر بعيدا ؟ "
فاجأني سؤالها ، إنني لم أكن أتحدث عن أمر السفر معها ، فالحديث سابق لأوانه ...
قلت مازحا :
" نعم يا رغد ! إلى مكان بعيد لا يوجد فيه رغد و لا دانة و لا شجار ! و سأترك رأسي هنا ! "
لم يبد ُ أنها فهمت مزاحي أو تقبلته ، إذ أن تقوس فمها الصغير قد ازداد و بدأت عيناها تحمرّان
قالت :
" و هل ستأخذني معك ؟ "
هنا ... عضضت على شفتي و جاء دور فمي أنا ليتقوس حزنا ...
طردت الموجة الحزينة التي اعترتني
و قلت :
" من أخبرك بأنني سأسافر ؟؟ "
" سمعت والداي يتحدثان بهذا "
مسحت على رأسها و قلت :
" سأسافر فترة مؤقتة لأدرس ثم أعود "
" و أنا ؟؟ "
" ستبقين مع الجميع و حالما أنهي دراستي سأعود و آخذك إلى أي مكان في العالم ! "
" لا أريدك أن تذهب وليد ! من الذي سيحبني كثيرا مثلك إذا ذهبت ؟ "
شعرت بخنجر يغرس في صدري ...
رغد ... أيتها الفتاة الصغيرة ... التي تربعت في كل خلايا جسمي ، ألا تعلمين ما يعنيه فراقك بالنسبة لي !؟؟
لا أعرف إن كانت قد أحست بالطعنة التي مزقت قلبي أم أنني أهوّل الأمر ، ألا أن دموعها سالت ببطء من مقلتيها ...
دموع أميرتي التي تزلزل كياني ...
مددت يدي و مسحت دموعها و أنا أحاول الابتسام :
" رغد ! عزيزتي ... لا يزال معك دانة و سامر ... و أمي و أبي ... و نهلة و حسام و سارة ( و سارة هي الابنة الثانية لأم حسام ) مع أمهم ! و كل صديقاتك ! لن تكوني وحيدة ! أنا فقط من سيكون وحيدا ! "
قالت بسرعة :
" خذني معك ! "
ضغطت على قبضتي ، و قلت :
" يا ليت ! لا يمكنني ... صغيرتي ! لكنني عندما أعود ... "
و لم أكمل جملتي ، رمت رغد بكتابها جانبا و قاطعتني بسيل من الضربات الخفيفة الموجهة إلى صدري ...
إلى قلبي ...
إلى روحي ...
إلى كل عصب حي في جسدي ...
و شريان نابض ...
" لا تذهب ... لا تذهب ... لا تذهب ... "
" رغد ... "
" أنت قلت أنك ستعتني بي كل يوم و دائما ! لا تذهب ... لا ... لا ... لا .. "
و أخذت تبكي بعمق ...
و كلما حاولت المسح على رأسها أبعدت يدي و ضربت صدري استنكارا ...
ضرباتها لم تكن موجعة ، لو أنني لم أكن مصابا ببعض الكدمات و الرضوض في صدري ، أثر عراكي الأخير مع عمّار و أصحابه ...
شعرت بالألم ، و لكنني لم أحرك ساكنا ...
تركت لها حرية التعبير عن مشاعرها قدر ما تشاء ...
لم أوقفها ... لم أبعدها ... لم أنطق بكلمة بعد ...
إنها رغد التي تربت في حضني ... و عانقت ذات الصدر الذي تضربه الآن ...
ليتهم لم يحرقوا الجامعة ...
ليتهم لم يحرقوا المصنع ...
ليتهم أحرقوا شيئا آخر ...
ليتهم أحرقوا عمّار !
و يبدو أن صوت رغد قد وصل إلى مسامع والدي فجاء إلى غرفتي و وقف عند فتحة الباب ...
عندما رأى ولدي رغد تضربني ، غضب من تصرفها و بصوت حاد قال ، و هو واقف عند الباب :
" رغد ... توقفي عن هذا "
رغد رفعت رأسها و نظرت إلى والدي ، ثم قالت :
" لا تدعه يذهب "
إلا أن أبي قال بحدة :
" خذي كتابك و عودي إلى أمك ، و دعي وليد يدرس "
لم تتحرك رغد من مكانها ، فرفع والدي صوته بغضب و قال :
" ألم تسمعي ؟ اذهبي إلى أمك و كوني فتاة عاقلة "
رغد التقطت كتابها من على الأرض ، و خرجت من الغرفة
أما قلبي أنا فكان يعتصر ألما ...
بعدها ، قلت لأبي :
" لماذا يا أبي ؟ إنها ستظل تبكي لساعات ! جاءت تطلب مني تعليمها "
والدي قال بغضب :
" لقد كانت والدتك تعلّمها ، و حين جيء بذكر سفرك ، حملت كتابها و أتت إليك ، نهيناها فلم تطع "
قلت مستاءا :
" لكنك صرفتها بقسوة يا أبي "
لم تعجب جملتي والدي فقال :
" أنت تدللها أكثر من اللازم يا وليد ... يجب أن تعلمها أن تحترمك لا أن ترفع يدها عليك هكذا ، تصرف سيئ "
" لكني لا أستاء من ذلك يا أبي ... إنها مجرد طفلة ، كما أنني أتضايق كثيرا إذا أساء أحد إليها ، والدي ... أرجوكم لا تقسوا عليها بعد غيابي ... "
من يدري ماذا يحدث ؟ بعد أن أغيب ...؟
هل سيسيء أحد إلى طفلتي ؟؟
إنني لا أقبل عليها كلمة واحدة ...
ليتني أستطيع أخذها معي !
انتظرت حتى انصرف والدي من المنزل ، ثم فتشت عن رغد ، فوجدها في غرفتها ... و كما توقعت ، كانت غارقة في الدموع ...
أقبلت إليها و ناديتها :
" رغد يا صغيرتي ... "
رفعت رأسها إلي ، فرأيت العالم المظلم من خلال عينيها البريئتين ...
اقتربت منها و طوّقتها بذراعي ، و قلت ...
" لا تبكي يا عزيزتي فدموعك غالية جدا ... "
قالت :
" لا تذهب ... وليد ... "
قلت :
" لا بد أن أذهب ... فسفري مهم جدا ... "
" و أنا مهمة جدا "
" طبعا أميرتي ! أهم من في الدنيا ! "
أمسكت بيدي في رجاء و قالت :
" إذا كنت تحبني مثلما أحبك فلا تسافر "
في لحظة جنون ، كنت مستعدا للتخلي عن أي شيء ، في سبيل هذه الفتاة ...
و بدأت أفكار التخلي عن حلم الدراسة تنمو في رأسي تلك اللحظة ...
ليتني ... أيا ليتني استمعت إليها ...
يا ليتني فقدت عقلي و جننت لحظتها بالفعل ...
لكنني للأسف ... بقيت متشبثا بحلمي الجميل ....
" عزيزتي ، سأكون قريبا ... اتصلي بي كل يوم و أخبريني عن كل أمورك ! و إذا تشاجرت معك دانة فأبلغيني حتى أعاقبها حين أعود ! "
نظرت إلي نظرة سأضيفها إلى رصيد النظرات التي لن أنساها ما حييت ...
ما حييت يا رغد لن أنسى هذه اللحظة ...
" وليد ... خذلتني ... لم أعد أحبك "
رغد لم تكلمني طوال الصباح التالي ، بل و لم تنظر إلي ...
كانت حزينة و قد غابت ضحكتها الجميلة و مرحها الذي يملأ الأجواء حياة و حيوية ...
الجميع لاحظ ذلك ، و استنتجوا أنه بسبب موضوع سفري و غضب والدي منها يوم الأمس ...
و كالعادة ، أوصلت سامر إلى مدرسته ، ثم دانة و رغد ....
وهي تسير مبتعدة عن السيارة و متجهة نحو مدخل المدرسة ، كانت رغد مطأطئة الرأس متباطئة الخطى
جعلت أراقبها قليلا ، فألقت علي نظرة حزينة كئيبة لم أتحمل رؤيتها فابتعدت قاصدا المكان الذي سأجري فيه اختباري المصيري ...
المشوار إلى هناك يستغرق قرابة الساعة ، و كنت ألقي بنظرة على الساعة بين الفينة و الأخرى خشية التأخر
أعرف أنها فرصة العمر و أي تأخير مني قد يضيعها ...
حينما أوشكت على الوصول ، وردتني مكاملة هاتفية عبر هاتفي المحمول من صديقي ( سيف ) يتأكد من وشوكي على الوصول . و سيف هذا هو أقرب أصحابي ، و هو مرشح معي أيضا لدخول الامتحان .
بعد دقيقة ، عاد هاتفي يرن من جديد ...
كان رقما مجهولا !
" مرحبا ! لابد أنك وليد ! "
بدا صوتا غير معروف ، سألته :
" من أنت ؟؟ "
قال :
" يا لذاكرتك الضعيفة يا مسكين ! يبدو أن الضرب الذي تلقيته من قبضتي قد أودى بقدراتك العقلية ! "
الآن استطعت تمييز المتحدث ... إنه عمّار !
" عمّار ؟؟؟ !"
" أحسنت ! هكذا تعجبني ! "
استأت ، كيف حصل على رقم هاتفي الخاص و ما الذي يريده مني ؟
" ماذا تريد ؟ "
" انتبه و أنت تقود ! أخشى أن تصاب بمكروه ! "
" أجب ماذا تريد ؟؟ "